عَوامٌّ بألقاب فقهية..!
لا بأس لو أنّهم كانوا بالعشرات أو حتى بالمئات لكنهم أكثر من ذلك بكثيرٍ، حتى لو أنّ الواحد جزم بأنّهم يُشكّلون: «ظاهرةً» كان من شأنها أن وصمتنا بـ: «العنّة الفقهية» التي كتبتُ عنها قبل ما يزيد على عشر سنوات وما زادتني هذه السنون العجاف فِقهاً إلا توكيداً على أنّ زماننا هذا أولى بكثيرٍ من ذلك الزمن البعيد الذي قال عنه ابن رشد الحفيد: «ولأن هاهنا طائفة تشبه العوام من جهة، والمجتهدين من جهة، وهم المسمون في زماننا هذا بالفقهاء،
فينبغي أن ننظر في أي الصنفين أولى أن نلحقهم؟ وهو ظاهر من أمرهم أن مرتبتهم مرتبة العوام وأنهم مقلدون. والفرق بين هؤلاء وبين العوام أنهم يحفظون الآراء التي للمجتهدين فيخبرون بها العوام من غير أن تكون عندهم شروط الاجتهاد، فكأن مرتبتهم في ذلك مرتبة الناقلين عن المجتهدين. ولو وقفوا في هذا لكان الأمر أشبه، لكن يتعدون فيقيسون أشياء لم ينقل فيها عن مقلَّديهم حكم على ما نقل عنهــم في ذلك حكم، فيجعلون أصلا ما ليس بأصل، ويصيرون أقاويل المجتهدين أصولاً لاجتهادهم، وكفى بذلك ضلالاً وبدعة»
هوامش على متن ابن رشد:
* لو أنّ ابن رشدٍ أدركَ زماننا هذا فماذا عساه أن يقول عن زمنٍ يتّصفُ فيه كثيرٌ ممن أسبغ عليهم بسخاء باذخ لقب «الفقيه» فيما الواحد منهم يتمتّع بذات العقليّة التي يتوافر عليها «العوام» غير أنّهم يتفوّقون على العوام بتبرّمهم من التفكير وبالتأذي ممن يُعمل فكره على نحو من استجابةٍ للأمر الرباني«لقوم يتفكرون»؟!
* وفي رواية: «قالوا: ومتى ذلك؟ قال: إذا ذهبت علماؤكم، وكثرت جهلاؤكم، وكثرت قراؤكم، وقلت أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقه لغير الدين» رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، والطبراني في الأوسط وله شواهد في الصحيحين.
نقلا عن الشرق